عرض حول إعداد التراب الوطني بالمغرب



تقديم:
ظهرت أولى تطبيقات سياسات إعداد التراب مطلع القرن الماضي في عدد من البلدان الأوربية والولايات المتّحدة الأمريكية، لكنّ اعتمادها لم يتعمّم إلاّ خلال أواخر هذا القرن خاصّة في بلدان الجنوب التي لم يحصل معظمها على الاستقلال إلا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
فقد بدأ تطبيق أولى سياسات إعداد التراب بهولندا أواخر القرن التاسع عشر (منذ 1886م) وذلك حينما خطّطواْ في إطار مقاومتهم للمدّ البحري الذي كان يغمر أجزاء شاسعة من التراب الوطني لإنجاز مشروع متكامل لإغلاق الخليج الهولندي واستصلاح أراضيه. وفي نفس الفترة بدأ تنفيذ أولى سياسات إعداد التراب بكلّ من إيطاليا من خلا معركة تحسين جودة الأراضي بسهل البو «Pô» وبمناطق المستنقعات بالشمال الشرقي التي أثمرت الآلاف من الاستغلاليات الجديدة، والاتحاد السوفييتي (URSS) حيث تم تبني أول مخطط خماسي (1928 – 1932) الذي يهدف إلى تحقيق التصنيع السريع للاتحاد وتحويله من بلد زراعي إلى قوة مصنعة. 
وبعد اندلاع الأزمة الاقتصادية لسنة 1929م، اتخذت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا سياسة إعداد التراب كوسيلة لمواجهة تداعيات هذه الأزمة، حيث تم تطبيق برنامج للتمويل العمومي موجه لدعم مختلف الولايات ولإنجاز برنامج للأشغال الكبرى بالجنوب الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية. أما عن بريطانيا فقد تم تعيين أول وزارة لإعداد التراب في أوربا بهدف معالجة الاختلالات بين الجهات الغنية المتواجدة بالجنوب ونقيضتها بالشمال.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ومباشرة بعد إصدار J.F.Gravier  لكتابه «Paris et le désert français» سنة 1947م الذي أظهر من خلاله الاختلالات المجالية التي يعاني منها المجال الفرنسي حيث أن العاصمة باريس كانت تهيمن على التراب ككل، تبنّت فرنسا سنة 1950م مخططاً وطنياً لإعداد التراب كان الغرض منه البحث عن توزيع أفضل للسكان بالنسبة للموارد الطبيعية والأنشطة الاقتصادية.
ومع مطلع الألفية الثالثة أصبح إعداد التراب سياسة معتمدة في جلّ بلدان الجنوب ومن ضمنها المغرب الذي تعود أولى تطبيقات هذه السياسة به إلى الستينات من القرن الماضي، حيث انطلق الاهتمام بإعداد التراب الوطني بالمغرب خلال المخطط الخماسي الأول (1960 – 1964م) الذي كان من بين اختياراته وضع برامج التنمية المندمجة التي تهم بعض مناطق البلاد كحوض سبو وملوية السفلى والريف الغربي، ليليه التصميم الخماسي (1968 – 1972م) حيث ظهر الاهتمام بالتنمية الجهوية حيث تم تقسيم التراب الوطني لسبع جهات اقتصادية وذلك بمقتضى ظهير 16 يوليوز 1971م الذي يهدف من خلاله إلى "تحقيق توزيع مجالي للأنشطة يسمح بنمو اقتصادي أكبر" ، ولتنسيق التدخلات الهادفة إلى إعداد التراب تمّ سنة 1968م إحداث هيئة عليا مكلفة بإعداد التراب وهي "اللجنة الوزارية لإعداد التراب".
وقد تمّ إحداث أول قطاع حكومي مكلف بإعداد التراب سنة 1977م يتمثل في مديرية إعداد التراب الوطني، إلاّ أن التغيير المستمر لنظام الوصاية عليها وقلة الموارد المالية والبشرية المخصصة لها لم يسمح ببلورة سياسة واضحة المعالم لإعداد التراب الوطني.  ورغم أن المخطط الخماسي (1981 – 1985م) خصص ميزانيتين لتهيئة التراب الوطني وإنجاز مخططات التنمية والتهيئة الجهوية، وارتقاء الجهة إلى جماعة محلية سنة 1992م، فهذا لم يسمح ببلورة تصميم جهوي لإعداد التراب.
عرفت سياسة إعداد التراب بالمغرب منعطفاً جديداً مع مطلع الألفية الثالثة حيث تمّ تعيين وزارة خاصة بإعداد التراب سنة 1998م وإطلاق حوار وطني حول إعداد التراب الوطني سنة 2000م، وتشكيل المجلس الأعلى لإعداد التراب واعتماد ميثاق وطني لإعداد التراب سنة 2001م، ووضع مخطط وطني لإعداد التراب الوطني سنة 2003م، وإطلاق إعداد المخططات الجهوية لإعداد التراب سنة 2005م.
ويتكون مفهوم إعداد التراب من كلمتي "الإعداد" الذي يعتبر فعلاً إرادياً لمجموعة من الأفراد أو المؤسسات أو الجمعيات بهدف تنظيم وتحويل المجال لخلق تأثيرات إيجابية في المجتمع،  وحسب C.Raffestin التراب هو المجال الذي نسقط عليه العمل أي الطاقة والمعلومات، ويحيل على السلطة وينتج عن تملّك ملموس أو مجرّد. 
إن إعداد التراب يتمثّل في الوصل بين مستويات التراب الوطني والمحلي ويستلزم السهر والتمفصل بينهما بشكل مضبوط. 
إذا كان مفهوم إعداد التراب الوطني يعنى بأهمية قصوى منذ مطلع الألفية الثالثة فما هي مبادئ هذه السياسة المتبعة بالتراب الوطني؟ وما هي توجهات هذه السياسة؟ وكيف تتمثل أدوار سياسة إعداد التراب الوطني وما هي التحديات التي تواجهها؟

البيبليوغرافيا:
لائحة المراجع:
  • الميثاق الوطني لإعداد التراب.
  • الهيلوش محمد، "محاضرات في إعداد التراب"، دار القلم للطباعة والنشر، الرباط، 2017م.
  • بوجروف سعيد، "الجهة والجهوية بالمغرب: أي مشروع لأي تراب؟"، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2012م، الصفحة 44.
  • تقرير المجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني سنة 2009م، "واقع حال إعداد التراب الوطني، "2009 – 2004، ص: 17.
  • مديرية إعداد التراب الوطني، "المجال المغربي: واقع الحال"، 2000م.

  • URSS (1977), « L’histoire de l’URSS », édition Des progrès, Moscou.
الويبوغرافيا:
  • http://www.achamel.info/ consulté le 20/12/2017 à 11:20.
  • http://www.hypergeo.eu/spip.php?article474 consulté le 19/12/2017 à 12:35.

تحميل العرض:


ليست هناك تعليقات