محاضرات البيئة والهيدرولوجيا - ذ.مليكة المعقيلي - الفصل الخامس


البيئة والهيدرولوجيا Environnement & Hydrologie

تقديــــــــــم:
الهيدرولوجيا (L’hydrologie) مصطلح يتكوّن من لفظين، هيدرو (Hydro) وتعني الماء، ولوجيا (Logie) تعني علم أو دراسة، فهو العلم الذي يهتمّ بالعلاقة بين التساقطات والجريان. ونظراً لما للماء من أهمّية في حياة كلّ الكائنات الحية وغير الحية فإنّ هناك عدّة علوم تهتمّ بهذا المورد الثمين، وهناك عدّة علوم أخرى تهتمّ بالماء كموضوع منها:

  • دراسة الموارد المائية (L’hydrographie): مسح جميع الموارد المائية الموجودة.
  • L’hydrométrie: العلم الذي يهتم بالخصائص الفيزيائية للسوائل.
  • الهيدروجيولوجيا (L’hydrogéologie): دراسة المياه الباطنية.

يتّضح أنّ الدراسات والعلوم التي تهتمّ بالماء مختلفة ومتشعّبة، وموضوعنا كجغرافيين يهمّ نوعاً من هذه الدراسات وهي الهيدرولوجيا القارية (L’hydrologie Continentale)، وبما أنّ الجغرافية هي علم يهتمّ بتنظيم المجال ينظر إليه نظرة شمولية على أنّه كلاًّ لا يتجزأ، وكذلك يهتمّ بالعلاقة أو العلاقات التي تجمع بين مختلف عناصر هذا المجال، فإنّ الهيدرولوجية تسير في هذا النّهج، حيث أنّها تهتمّ بالجريان داخل حوض التّصريف، فتهتمّ بجميع عناصره على أنّها تعمل مجتمعة وليست منفردة أو متتالية، فالهيدرولوجي ينطلق من العالية ليصل إلى السافلة لأنّ كل صبيب يأتي في سافلة جميع الظواهر التي يتكون منها حوض التصريف.
بالنسبة للبيئة (Environnement) فهو مصطلح يحمل عدّة معاني تتفق كلها على أنها هي الشيء المحيط، فيمكن أن يأخذ معنى طبيعة حياة ما، أو مناخ عامّ سائدٍ أو غيرها، لكن المصطلح الذي يهمّنا هو كلّ ما يحيط بالإنسان.
ويجب أن نميّز ما بين كلمة بيئة وكلمة طبيعة التي تعني عناصر طبيعية حياتية وغير حياتية منفردة لا تواصل بينها، على عكس كلمة بيئة التي تعني الطبيعة بنظرة الإنسان وأنشطته داخلها، وكذلك مختلف العلاقات التي تربط ما بين الإنسان والطبيعة. فالبيئة إذن كمصطلح قطع عدة مراحل عبر التاريخ يعني دراسة الأوساط الطبيعية وتأثير الإنسان عليها وطرق المحافظة عليها.
فالبيئة تعني إذن كلّ ما يحيط بالإنسان أو كائن حي ما على أن يدخل جزء من عناصر هذا المحيط ليغطي حاجيات هذا الإنسان و هذا الكائن الحي. والبيئة هي كلّ ما يحيط بالإنسان سواء تعلّق الأمر بالغلاف الجوي أو الصخري أو المائي، حيث أن هناك تفاعل بين كلّ هذه الأغلفة وما بين الإنسان وأنشطته المختلفة، والتي تؤثر على محيطه في إطار حدود معينة تشمل جزءاً من الغلاف الحيوي وتشمل أيضاً جزءاً من الغلاف المائي كما تشمل أيضاً جزءاً من الغلاف الصخري،  وقد بدأ الإنسان في التأثير على محيطه البيئي منذ عصور قديمة، فاكتشافه للنار كان سبباً في حرق مساحات شاسعة من الغابات البدائية (Les forêts primitives)، وكذلك إبادة مجموعة من الأصناف الحيوانية وإتلاف مساكنها.
كذلك عند اكتشاف الإنسان للزراعة فإنّه بدأ يقوم بحرق واجتثاث الغابات من أجل الزراعة. ومع اكتشاف الزراعة قلّت المجاعات فبدأ الإنسان يتكاثر مما يزيد من تأثيره على الزراعة مما يزيد من تأثيره على البيئة. نفس الشيء بالنسبة لتربية الماشية حيث أن الإنسان يقوم بقتل الحيوانات المفترسة التي تهدّد قطيعه.
مع ظهور الصناعة فقد ظهرت تحولات كبيرة في علاقة الإنسان مع محيطه البيئي كاستغلال الطاقات غير القابلة للتجديد، تسخين الموارد المائية وتلويثها، وكذلك استغلال موارد طبيعية تفوق طاقات الرابطات البيئية (Ecosystèmes).
ومع التطور التكنولوجي فإنّ الإنسان أصبح بإمكانه توسيع مجال نشاطه وتأثيره على البيئة بحيث أنّه أصبح قادرا على تغيير عدة معالم بيئية وطبيعية لتدخل ضمن مجال عيشه كالأمطار الاصطناعية، سقي مناطق جافة أو قاحلة، خلق جزر داخل البحر ...إلخ.
وتدخّل الإنسان في تغيير محيطه البيئي متنوّع بحيث يمكننا أن نذكر:
  • التلوّث (La pollution)؛
  • التعرية (L’érosion)؛
  • نقص المياه؛
  • انقراض الحيوانات وانعدام التوازن البيئي؛
  • انقراض الغابات وخاصة الغابات البدائية...إلخ.

وعلى كلٍّ فإنّ الإنسان يشكّل جزءاً من بيئة يستغل مواردها ليعيش ولهذا فهو واعٍ بأنّه يجب أن يحافظ على هذه الموارد من أجله ومن أجل الأجيال القادمة.
انطلاقا من هذه الإشكالية الكبرى فإنّ المجتمع العالمي يحاول بشتّى الوسائل إيجاد حلول  ناجعة والمحافظة على البيئة حتى نتمكّن من استمرارية الحياة فوق الأرض وكذلك للأجيال القادمة.

Téléchargement:

ليست هناك تعليقات